مشروع المبادرات المجتمعية لمركز الطب الوقائي بمدينة دبا الحصن ضمن استراتيجية عام 2015م

المبادرة رقم (1)


التثقيف الصحي للحلاقين ومصففات الشعر في الصالونات الرجالية والنسائية في مدينة دبا الحصن


مقدمة


إن مركز الطب الوقائي بمدينة دبا الحصن والتابع لإدارة الطب الوقائي بمنطقة الشارقة الصحية وضمن منظومة وزارة الصحة الإتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة ليحمل عبء ومسؤولية وقاية مكونات المجتمع الإماراتي (مواطنين، مقيمين وزائرين) من أخطار الأمراض السارية أو المعدية بالتعاون مع غيره من القطاعات المعنية سواء كانت حكومية أو أهلية، وقد حددت له مجموعة من الضوابط والتوجيهات الإجرائية التي تكفل تحقيق هذا الهدف الشريف والمطلب السامي المنبثق من حرص القيادة الرشيدة في الدولة على تقديم أكمل الخدمات المتاحة وأتمها في كافة الجوانب والمجالات التي تمس الحياة العامة، وبالأخص في الجانب والمجال الصحي بما يضمن رفاهية المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة وكل من يعبر أرضها وسماءها.


ومن هذا المنطلق فإنه من الواجب على من يقوم بأمر مركز الطب الوقائي في مدينة دبا الحصن تفعيل دوره الريادي في التوعية والتثقيف الصحيين، وجعل هذا الأمر ثقافة متداولة سهلة التناول ويسيرة الإدراك لكل طالب لها وباحث عنها.


فلسفة المبادرة


وعليه فقد ارتأيت بحكم موقعي في المركز وبحكم طبيعة عملي ووظيفتي فيه تصميم برنامج صحي تثقيفي وتوعوي لشريحة عمالية مهمة في مجتمع مدينة دبا الحصن التي تنتشر فيها صالونات الحلاقة والتجميل الرجالية والنسائية على حد سواء، ويعتبر كافة العاملين في هذه الصالونات من الجنسين ذووي اتصال مباشر مع الجسد الإنساني وفقا لطبيعة عملهم ووظيفتهم، فمنهم من يستعمل شفرات الحلاقة والأمواس التقليدية أو الكهربائية والمقصات المعدنية في هندمة شعر الرأس واجتثاثه من أصوله، ومنهم من يستعملها في تخفيفه وتحديده، وقد يتم تكرار هذا الأمر أكثر من مرة بغية الوصول إلى إرضاء الزبائن والعملاء، وقد يتم تمريرها على أجزاء أخرى من الجسم يكثر فيها تواجد الشعر الغير مرغوب فيه كاللحية والشارب والحاجبين والرجلين والذراعين والصدر، وقد يتم استعمالها أيضا في استئصال الشعر المتواجد في مناطق أخرى حساسة من الجسم كمنطقة العانة والإبطين والأرداف...إلخ، وهناك أيضا من يستعمل أدوات حادة في تقليم الأظافر وتشذيبها وتهذيب منظرها كالقلامات أو مقصات الأظافر ذوات الحواف الجانبية الحادة والمبارد المعدنية، كما يستعمل البعض الآخر أدوات أخرى مثل فرش وأمشاط تسريح الشعر وترجيله، ومناديل القماش أو مناشف تجفيف الشعر والوجه.


وفي حالات نادرة تنتج عن الجهل والإهمال غالبا فإن بعض هؤلاء الحلاقين والمصففات يعيد استعمال هذه الأدوات دون تعقيم أكثر من مرة ولأكثر من شخص واحد للأسف الشديد، وفي كل الحالات فإن الإحتكاك المباشر مع الجلد مؤكد وثابت، وقد يتعرض هذا الأخير بدوره لجروح وسحجات وتشققات متفاوتة جراء هذا التعامل بكل تلك الأدوات السابق ذكرها، كما أن تنفس هؤلاء العمال ورذاذ سعالهم وعطاسهم يكون قريبا جدا من أنوف وأفواه المترددين عليهم من الزبائن والعملاء، ومن هنا تأتي خطورة هذه الشريحة العمالية المهمة لأنها قد تؤذي نفسها وتؤذي غيرها عن طريق نقل أمراض معدية شهيرة تكون الجروح النازفة، والسحجات والتشققات الجلدية المدماة والتنفس ورذاذ السعال والعطاس أحد الوسطاء المهمين في نقلها، ومن هذه الأمراض كما يعرف الكثيرين مرض السل أو التدرن الرئوي، ومرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وكذلك مرض التهاب الكبد الوبائي الفيروسي في نمطيه الأشهر والأخطر (ب) و(ج)، وهذه كلها أمراض سارية أو معدية خطيرة جدا في حالة التساهل معها، وتجاهل نشر ثقافة الوقاية والحماية منها، وقد أثبتت الدراسات الحديثة بما لا يدع مجالا للشك إمكانية نقل فيروس التهاب الكبد الوبائي النمط (ب) كمثال عن طريق أدوات الحلاقة غير المعقمة بنسبة تفوق نقلها لفيروس الإيدز بمئة ضعف.


وقد يتم نقل بعض الأمراض الجلدية عن طريق هذه الأدوات أيضا كالقوب وقمل الرأس ومجموعة من الإلتهابات الفطرية والجرثومية كأمثلة على ذلك، والتي قد تنتقل أيضا عن طريق مساند الرأس في الكراسي الخاصة بصالونات الحلاقة والتجميل.


وهذا ما يؤكد مرارا وتكرارا أن الأمراض المعديـة والخطـيرة تنتـشر في الأمـاكن الملوثـة أيا كانت، وتفـتك بالملايين من البشر كل عام، والمؤسف أن معظم الناس عندما يسمعون عن هذه الأمراض يعتقدون أنهم بعيدون كل البعد عنها وعن حامليها، لكن الحقيقة ليست كذلك، فهم أقرب إليها من حبل الوريد إن صح التعبير، ويحدث ذلك في كل مرة يجلسون فيها على كرسي الحلاقة أو كرسي التجميل في حالة استرخاء تام حيث لا يدركون حينها حجم المخاطر المحيطة بهم أثناء هذه الجلسة السريعة، فمن المحتمل جدا أن يصاب أحدهم بعدة أمراض معدية وخطيرة، وقد اتضح جليا أن آلية التعقيم المستخدمة الآن غير كافية للقضاء على الميكروبات والجراثيم العالقة بأدوات الحلاقة والتجميل.


ورغم ما تبديه الدوائر الرسمية كأقسام الصحة العامة في البلديات والمؤسسات الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة من دور مهم جدا يلزم صالونات الحلاقة والتجميل بتوفير السلامة الصحية في محلاتهم، وحملات التفتيش المستمرة على هذه المحلات، إلا أن هذا الدور لا يزال خجولا وضعيفا ولا يتناسب مع خطورة الموقف في وقت لا تزال فيه معظم صالونات الحلاقة والتجميل تمارس عملها في ظل ظروف صحية متدنية غير مكترثة بما يمكن أن تسببه من كوارث صحية، وتظل هذه الصالونات مكانا خصبا لانتقال الأمراض المعدية ومن ثم تعمل على تصديرها إلى فئات المجتمع الأخرى مما يتطلب مواجهة الأمر بحزم من خلال حالة وقائية متكاملة تشمل جميع محلات الحلاقة للمساهمة في الحد من انتشار هذه الأمراض الفتاكة ومحاصرتها.


مكونات المبادرة وسماتها


وكما ذكرت سابقا فإنه من المفيد جدا تصميم برنامج تثقيفي يستهدف هذه الشريحة العمالية المهمة في مجتمع مدينة دبا الحصن مبدئيا وقد يضاف إليها لاحقا برنامج آخر يستهدف المترددين على صالونات حلاقة وتصفيف الشعر في المنطقة، بغرض تحقيق أكبر قدر من الإستفادة الوقائية من أخطار بعض الأمراض السارية أو المعدية والتي يعنى بها مركز الطب الوقائي بمدينة دبا الحصن، ويمكن تلخيص المكونات والسمات الأساسية لهذا البرنامج المقترح في هذه المبادرة في النقاط التالية:


أولا: طلب التعاون مع الجهات ذات الصلة والقطاعات المعنية بنفس الأمر وعلى رأسها قسم الصحة العامة ببلدية مدينة دبا الحصن، ومخاطبتهم مخاطبة رسمية لعمل اجتماع مشترك لتحديد ومناقشة نقاط الإلتقاء وسبل التعاون المشتركة بين مؤسستهم وبين مركز الطب الوقائي في المدينة، وسيكون من الجيد جدا والمثمر أيضا تغطية هذا الإجتماع تغطية إعلامية تليق به وعرض كافة توصياته ونتائج مداولاته بشفافية ووضوح تامين للرأي العام في المجتمع المحلي، بغرض تحقيق الهدف الأساسي والأسمى ألا وهو حماية مجتمع مدينة دبا الحصن المحلي ومجتمع الإمارات ككل من خطر الأمراض المعدية أو السارية.


ثانيا: سيكون من المفيد جدا عمل استبيان لقياس مدى إدراك الحلاقين ومصففات الشعر بنوعية الأمراض المعدية التي قد تنتقل عن طريق طبيعة عملهم سواء لهم أو لغيرهم، وإلحاقه في مرحلة أخرى باستبيان آخر لقياس مدى إدراك المترددين والمترددات على صالونات الحلاقة والتجميل، بغرض نشر الثقافة الصحية الوقائية المطلوبة والمتعلقة بهذه المحلات والصالونات، ويمكن توزيعه على الحلاقين المترددين إلى مركز الطب الوقائي في مدينة دبا الحصن لعمل كشف اللياقة الصحية بغية إصدار الإقامات الجديدة أو تجديد القديم منها، أو عند حضورهم لأخذ جرعات التطعيم ضد التهاب الكبد الفيروسي النمط (ب) الإجبارية المطلوبة.


ثالثا: تنظيم ورشة عمل Work Shop متخصصة حول استخدام أدوات الحلاقة والتجميل، للتعريف بالأدوات التي تستخدم لمرة واحدة في عمليات الحلاقة والتجميل داخل الصالونات المخصصة لذلك، وتضمين هذا الورشة لمحاضرة عن الأمراض التي يمكن أن تنتقل من شخص لآخر عبر أدوات الحلاقة وملحقاتها، أو عبر الدم وإفرازات الجسم عن طريق الأغشية المخاطية من خلال الرذاذ الناتج عن السعال أو العطاس، ويجب أن تكون هذه المحاضرة محاضرة توعوية وقائية شاملة خاصة بالفئة المستهدفة وهم عمال محلات وصالونات الحلاقة والتجميل، والتركيز على أهمية اتباع أفضل وسائل التعقيم الجيد لأدوات الحلاقة وضمان وجود أجهزة التعقيم الحديثة في كل محل أو صالون، إذ إن استخدام المحاليل المركزة لا يضمن عدم انتقال العدوى بنسبة 100% وخصوصا عند العلم بأن بعض صالونات الحلاقة والتجميل يقوم بتخفيف هذه المحاليل بالماء لزيادة كميتها وتوفير تكاليفها الباهظة بغية تحقيق ربحية عالية بأقل التكاليف، ومن المهم جدا أيضا تنظيم حملات توعوية للجمهور ومديري محال الحلاقة والتجميل والمستثمرين فيها لتعريفهم بهذه الأدوات، وإعطائهم نماذج لمغلف الحلاقة لمرة واحدة المقترح من قبل بعض الجهات ذات الصلة، الذي يضم أدوات الحلاقة الشخصية من شفرات حلاقة وفرشاة ومطهر وجل وقفازين للحلاق ومفرش بلاستيكي، وهذا المغلف لا يتعدى سعره الدرهمين، ويجب أن تشمل هذه الورشة أيضا مجموعة نقاش بؤري Focus Group Discussion مع هذه الفئة العمالية المستهدفة، كما يجب التأكيد خلال ورشة العمل هذه على ضرورة استهداف عموم الجماهير المترددة على صالونات الحلاقة والتجميل – وما أكثرهم - في مدينة دبا الحصن، ومن المتوقع أن يكون لها صدى تثقيفي طيب يخدم أهداف مركز الطب الوقائي بالمنطقة.


رابعا: التغطية الإعلامية الجيدة لكافة الأنشطة المتعلقة بهذه المبادرة، والحرص على تعميمها لأكبر قدر ممكن من القطاعات المجتمعية المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر، والحرص على توثيق هذه المبادرة توثيقا مقروءا ومرئيا ومسموعا إن أمكن، وتشمل هذه الأنشطة التخطيط لتنفيذ هذه المبادرة المقترحة بشكل نظري لحد الآن زمنيا ومكانيا وإجرائيا، وتنزيلها تنزيلا ملموسا في أرض الواقع، ومن ثم تقييم نتائجها المتوقعة مجتمعيا، ومهرها بتوقيعات جميع المشاركين في هذه المبادرة من قريب أو بعيد، والحرص على تكريمهم تكريما يليق بأدوارهم المقدرة في إنجاحها، ومن ثم رفعها لسعادة مدير مركز الطب الوقائي بمدينة دبا الحصن الأستاذ محمد المهلبي ليقوم بدوره المقدر في عرضها كإنجاز يحسب للمركز ويبرز دوره الريادي مجتمعيا، وتوصيل فكرتها إلى المسؤولين المعنيين في بقية المراكز بغية تعميمها إذا أمكن.


والله من وراء القصد
المشروع من فكرة وإعداد:
د. مجدي الحاج

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيفية قراءة أشعة الصدر السينية Chest-X-ray

ورشة عمل عن النظافة الشخصية تحت عنوان: "نظافتي سر سعادتي" لأطفال مركز الطفل بدبا الحصن

مركز الطب الوقائي بدبا الحصن - نبذة تعريفية